التخطيط المؤسسي الناجح
التخطيط الاستراتيجي هو خبرة متعلمة وليست متأصلة في المديرين والقادة. وتكرس الكليات والجامعات الكثير من الوقت والمال للتخطيط الاستراتيجي. غير أن بعضها ينجح وبعضها يفشل. مما يحتم ضرورة التعرف على أساليب التخطيط التي تزيد من فرص النجاح في بيئة التعليم العالي، والأساليب التي تتميز بها المؤسسات التعليمية الناجحة والمبدعة (innovative institutions). ومن المهم في هذا السياق الإجابة عن عدة تساؤلات، مثل: ما إذا كانت عمليات التخطيط الرسمي تحقق التغيير والابتكار المتوقع؟ وما نوع العمليات التي يفترض أن تستخدمها المؤسسة للتخطيط والتكيف مع التغيير؟ وما دور القيادات؟ وما القضايا التي تدفع للتغيير والابتكار والتكيف الفعال ؟
وهناك عدة عوامل مساعدة على إحداث التغيير الاستراتيجي والإبداع في الجامعات ومنها:
* معرفة ثقافة وتاريخ المنظمة، حيث ينبغي أن تبنى عمليات التخطيط الناجح على فهم عميق للمؤسسة وتاريخها، ولا يحدث هذا إلا عندما تسترشد القيادات التعليمية بآراء المستفيدين وخاصة أعضاء هيئة التدريس والموظفين والطلبة، وتستمع لهم.
* قيادة التغيير، فمن أهم الخطوات التي ينبغي أن تركز القيادات التعليمية عليها هي ضبط المسار (setting the tone) بحيث تتم مساعدة أعضاء هيئة التدريس، والموظفين، والطلاب على فهم التوقعات والتطلعات، مع ضرورة مشاركة القيادات التعليمية في عمليات التخطيط.
* تغيير الثقافة، فمن المهم أن تحدد القيادة التعليمية الوقت المناسب لإعادة ترسيخ الثقافة المناسبة للفترة المحددة، واستخدام الإجراءات والرموز واللغة المشتركة لتسهيل التغيير.
* أخذ التخطيط على محمل الجد، وهو من أهم العوامل، حيث إن الناس لا يشاركون بسهولة في التغيير المؤسسي إلا إذا كانوا يعتقدون أنه يعالج احتياجات معترف بها لديهم على نطاق واسع. وهم بحاجة إلى الاعتقاد بأن التخطيط عملية واقعية ( authentic )، وأن لديهم مصالح شخصية في هذه العملية والنتائج التابعة لها.
* استخدام بيانات المقارنة المرجعية ( benchmarking)، فقد ثبت أن استخدم الجامعات للتخطيط المبني على البيانات ( data-based planning ) يدعم االتقويم والتطوير الذاتي المستمر.
* التواصل بشكل مفتوح، فمن الواضح أن مؤسسات التعليم العالي التي نجحت في التغيير والإبداع ركزت كثيراَ على عمليات التواصل الداخلي والخارجي على حد سواء.
* الارتباط بالميزانية، فالتخطيط الناجح يرتبط عادة ارتباطاً وثيقاً بعملية وضع الميزانية المؤسسية، وقد ثبت بالتجارب الواقعية أن المبادرات الجديدة التي لا ترتبط بالميزانية لا تستمر. لذا يتجه القادة الجدد لتحقيق استراتيجياتهم عن طريق إعادة توجيه الموارد إلى المبادرات الجديدة.
أما العوامل غير المساعدة على إحداث التغيير الاستراتيجي والإبداع فمن أهمها:
1 المبالغة في الاعتماد على الخطط الرسمية، حيث إن فرض عمليات تخطيط مفصلة وجامدة دون اعتبار للثقافة المؤسسية أو تاريخها، والالتزام المستمر بخطط لم تعد ملائمة نتيجة لتغير الظروف والزمن، كان السبب الرئيس للفشل في العديد من عمليات التخطيط بالتعليم العالي.
2 التوقعات المبالغ فيها، وهو من أهم اسباب عدم النجاح. فعندما تكون أهداف الخطة متعددة ولا يعرف بالتحديد المسؤولون عنها، وعندما تزيد الأعباء بشكل كبير على فرق العمل فإن ذلك يستنفذ الجهود، ويؤثر سلباً على المشاركين. وقد ذكر أحد أعضاء هيئة التدريس بإحدى الجامعات التي تزيد من أعباء أعضاء هيئة التدريس دون إنقاصها -عند تكليفهم بمهام إضافية جديدة - أن تكليفه بعمل متواصل وفي جهات متعددة وبأكثر مما يطيق يشبه "تكليفه بتصليح دراجة أثناء قيادتها في منحدر"!.